مقدمة

تواجه دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) في عام 2023، عددًا من التحديات التي تتطلب العمل الجماعي وزيادة التعاون، بما في ذلك تخصيص الموارد المالية الهائلة للمنطقة لتحقيق منافع وطنية وإقليمية. وتمثل المكاسب الكبيرة والمفاجئة من عائدات النفط والغاز بسبب الحرب في أوكرانيا فرصة استثنائية للاستثمار في مستقبل المنطقة، حيث أصبحت الأوضاع المالية العالمية تحت ضغط متزايد، في حين يقدِّر صندوق النقد الدولي (IMF) أن مُصَدري النفط والغاز في المنطقة سيحققون عائدات نفطية تراكمية إضافية بقيمة 1.3 تريليون دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، ما يمكن استثمارها لتسريع التحول الاقتصادي في المنطقة، وتعزيز المرونة في مواجهة الصدمات المستقبلية، وتحقيق الازدهار، ودفع عجلة التنمية.

شهد عام 2022، ديناميكية إقليمية جديدة، باستثمارات القطاع الخاص والدبلوماسية النشطة  بشكل رئيسي، إذ يتوقع مركز Think Research and Advisory تسارُع هذه الديناميكية في عام 2023، باستثمار المزيد من رأس المال في المنطقة، وزوال العوائق أمام الفرص الاقتصادية مع قيام دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بدور أكبر وأنشط في الشؤون العالمية.

أجرى مركز Think Research and Advisory في نهاية عام 2022، استطلاعًا عبر 12 دولة إقليمية بهدف قياس التوقعات العامة للعام المقبل، جاء في نتائجه أنه بينما يتوقع سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عمومًا، إنفاق المزيد على الغذاء والوقود والكهرباء، فإنهم يتوقعون أيضًا أن يتحسَّن شعورهم بالأمن على المستوى الشخصي خلال الأشهر الـ12 المقبلة على نطاق واسع.

 

1. العلاقات الديناميكية بين دول المنطقة

أدى تركيز المنطقة على تنويع وتطوير اقتصاداتها وتعزيز تحالفاتها لمواجهة التحديات الجيوسياسية الناشئة، إلى خلق حافزٍ إضافيٍ لبناء علاقات إقليمية أكثر رصانة. إلى ذلك، حققت القمة الخليجية في (العلا) المنعقدة في 2021 والتي حرصت على وحدة دول مجلس التعاون الخليجي، زخمًا إيجابيًا مدفوعةً بزيارات رسميّة رفيعة المستوى، مثل زيارة ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان لقطر بمناسبة افتتاح كأس العالم، وزيارة رئيس دولة الإمارات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للدوحة. 

إن مواجهة التهديدات ذاتها والحاجة الكبيرة إلى الاستقرار من أجل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وضمان النمو الاقتصادي المستدام، قد أوجد حافزًا إضافيًا للتعاون بين الجهات الفاعلة الإقليمية. ومن ناحيةٍ أخرى، عملت دول المنطقة بجهدٍ متزايدٍ لتحقيق استقرارها ونموها وتعزيز الوساطة الداخلية وحلّ التحديات، فعلى سبيل المثال، تُبرهن جهود بغداد لتسهيل التواصل الإقليمي ومبادرة السعودية للشرق الأوسط الأخضر، التعاون الإقليمي عبر الحدود بشأن القضايا الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (والعالم). كما أن جهود المصالحة بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا، وكذلك الجهود المبذولة لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، تعكس استعدادًا متجددًا نحو المشاركة التعاونية لتقليل المنافسة وضمان الاستقرار الإقليمي.

 

النتيجة:بدأت القوى الإقليمية في التعاون بشكلٍ متزايد لإنشاء آليات أكثر مؤسّساتية على غرار مجلس الدول المُطلّة على البحر الأحمر وخليج عدن. وستواصل أيضًا دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل منفرد التحرُّك لتحسين قدراتها المحلية من خلال برامج تنمية القدرات المختلفة، مثل برنامج (رؤى) وجهود موازنة الميزانية والتغييرات التنظيمية، وبالتالي تعزيز المرونة الشاملة في المناطق. ومن المرجح -أيضًا- أن تظل الاستثمارات الإقليمية في القطاعات الاستراتيجية قوية، لا سيما أنَّ الدول الأقل استقرارًا في المجال الاقتصادي تواصل مواجهة التحديات الاقتصادية، ودول مجلس التعاون الخليجي تواصل جهودها نحو التنويع.

 

2. مجلس التعاون الخليجي يقوم بدور استباقي في الشؤون العالمية، ليحقق التوازن بين القوى العظمى

على الرغم من التعددية المتزايدة في الجغرافيا السياسية الدولية، ستنتهج دول الخليج سياسات متوازنة تجاه المنافسة العالمية. ولا يزال التنسيق مع روسيا في سياق (أوبك بلس) وأسواق النفط محورَ التحالف الأساسي، بينما تحافظ الولايات المتحدة على مكانتها كشريك استراتيجي رئيسي للمنطقة. وقد خططت دول الخليج خلال حرب أوكرانيا لنهج دقيق في دعم أوكرانيا مع الحفاظ على العلاقات مع روسيا، على سبيل المثال: الدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية في التفاوض لإطلاق سراح الرهائن البريطانيين من أوكرانيا في عام 2022، والدور الذي لعبته الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في تنسيق تبادل الأسرى الذي شهد عودة نجمة كرة السلة الأمريكية (بريتاني غرينر) إلى بلدها من روسيا. من ناحية أخرى، توسعت علاقات روسيا مع الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى، لا سيما مع وجودها الراسخ في سوريا وتعاونها العسكري المتزايد مع إيران. أما فيما يتعلق بالصين، فقد عززت القمة العربية الصينية المنعقدة بالرياض في 9 ديسمبر عام 2022، مكانةَ بكين كشريك اقتصادي وتنموي مكمل ومحوري للمنطقة ككلّ، وعلى هذا النحو، ستستمر دول مجلس التعاون الخليجي في لعب دور أساسي لنفسها كمحاور رئيسي بين الولايات المتحدة والصين وروسيا لحماية مصالحها الوطنية.

 

النتيجة:سيشهد عام 2023، قيام دول مجلس التعاون الخليجي بدمج نهجها المتوازن والبراغماتي في السياسة الخارجية مع وجود دبلوماسي أكثر استباقية في الشؤون العالمية، وسيتقدم التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين في القطاعات الاقتصادية الرئيسة؛ مثل البنية التحتية والتصنيع والتجارة الثنائية. كما ستواصل روسيا متابعة العلاقات الثنائية مع دول مجلس التعاون الخليجي؛ نظرًا لأهمية النفط بالنسبة لاقتصاداتها، وسيتوسع التعاون الدفاعي بين موسكو وطهران، إذ يُواجه الجانبان عزلةً متزايدةً من الدول الغربية. وسيبقى التعاون الأمني ​​والاستخباراتي بين دول مجلس التعاون الخليجي وواشنطن داعمًا للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.

 

3.  الطاقة تفتح مجالًا لتنمية الدول الغنية بها وتشكّل تحديًا للبلدان الناشئة

ظل النشاط الاقتصادي في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قويًا بشكل عام في عام 2022، لكن التطورات الدولية وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية العالمية كانت لها تأثيرات متفاوتة على اقتصادات المنطقة. كما أدت عائدات النفط والغاز الكبيرة المفاجئة بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا إلى فوائض خارجية ومالية كبيرة، مما سمح للدول الغنية بالطاقة بتوسيع استثماراتها في الأنشطة غير الهيدروكربونية، وإطلاق خطط تنمية طموحة تقودها الدولة، وتسجيل نمو قوي مع احتواء التضخم، غير أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية زاد من حدة المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي في الاقتصادات الناشئة في المنطقة؛ نظرًا لاعتمادها الكبير على واردات الطاقة والغذاء. وقد أدى ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع تكلفة المعيشة وضعف القوة الشرائية مع وصول التضخم إلى مستويات مزدوجة وزيادة الإنفاق الاجتماعي للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.

من المتوقع أن يشكّل تباطؤ النمو المتوقع في الاقتصاد العالمي، وازدياد التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، إلى جانب أزمة الطاقة المطولة والظروف المالية العالمية الأكثر ضيقًا، تحدياتٍ جسيمة لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2023، بما في ذلك تباطؤ النشاط الاقتصادي الإجمالي للمنطقة، ومع ذلك تبدو الاحتمالات مختلطة. كما يتوقع أن تستمر الدول الغنية بالطاقة في الاستفادة من عائدات النفط والغاز الكبيرة في عام 2023، وسيحتاج صانعو السياسات إلى الحفاظ على الزخم بشأن الإصلاحات المشجعة للتحديث الاقتصادي، والأعمال التجارية، وضمان استثمار الموارد المالية لتوسيع الأنشطة الاقتصادية غير الهيدروكربونية. كذلك ستحتاج الاقتصادات الناشئة في المنطقة إلى التنقل في بيئة معقدة بشكل متزايد، وسيتعين على صانعي السياسات السيطرة على التضخم، وضمان الأمن الغذائي، مع الحفاظ على النمو واستقرار الاقتصاد الكلي. من ناحيتها، ستؤدي أسعار الفائدة المرتفعة والظروف المالية إلى زيادة تكاليف القروض وتضييق الوصول إلى الأسواق المالية الدولية، مما يزيد الضغط على الميزانيات وابطاء الاستقرار المالي، وفي غضون ذلك ستستمر البلدان منخضة الدخل في المنطقة في الاعتماد على الإعانات الخارجية والمساعدات الإنسانية لتأمين الاحتياجات الأساسية.

هناك بعض البوادر المبشرة لاقتصادات المنطقة في عام 2023، حيث من المتوقع أن تتعافى قطاعات السفر والسياحة تمامًا مما يوفر الدعم اللازم لبلدان مثل مصر والأردن. وعلاوةً على ذلك، تتعهد البلدان الغنية بالطاقة باستثمارات مالية ضخمة في الاقتصادات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

النتيجة: ستستمر البلدان الغنية بالطاقة في المنطقة في الاستفادة من فائض الإيرادات، مما يتيح لها الفرصة لقيادة التنويع من خلال الاستثمارات وبرامج التحديث الاقتصادي المستمرة. أما بالنسبة للاقتصادات الناشئة في المنطقة، فستشهد في 2023 العديد من التحديات الاقتصادية والمالية التي يمكن أن تزيد من اعتمادها على الدعم الإقليمي والدولي. يؤكد هذا الامر الحاجة إلى معالجة القضايا الهيكلية طويلة الأمد في مختلف الدول في المنطقة.

 

4. من المتوقع أن يزداد التعاون في ملف المناخ مع تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري

تعاني بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من تأثير تغيُّر المناخ، إذ تزداد ندرة المياه واشكالات الطقس، فالفيضانات المفاجئة في الخليج تتكرر، فيما تتزايد وتيرة العواصف الرملية الشديدة في جميع أنحاء المنطقة، لا سيما في العراق، حيث تتسبب العواصف الرملية بخسائر سنوية تبلغ 13 مليار دولار في جميع أنحاء المنطقة، وفقًا للبنك الدولي.

تُعدُّ منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا من أكثر المناطق التي تندر فيها المياه في العالم، وتزداد صعوبة الوصول إلى المياه فيها يومًا بعد يوم، فقد أدت نُدرة المياه في دول مثل اليمن، إلى تفاقم النزاعات، ونشوء نزاعات جديدة حول المياه. وبسبب موقع اليمن الجغرافي فإن عدم الاستقرار الحالي يمكن أن يمتد منها إلى المنطقة ويهدد أمن مضيق باب المندب، وعلى الرغم من المخاطر الكبيرة حيث تُعَدُّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واحدة من أصغر المتلقين للتمويل في مجال المناخ على مستوى العالم.

أدت التحديات المناخية الحادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى زيادة التعهُّدات والمبادرات الإقليمية، ومن الأمثلة على ذلك: مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أطلقتها المملكة العربية السعودية، إلى جانب الاتفاقية الدبلوماسية للعواصف الرملية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي من جهة، وإيران والعراق من جهة أخرى، بالإضافة إلى استضافة مصر والإمارات لمؤتمري الأطراف السابع والعشرين والثامن والعشرين، وهكذا تساعد دول الشرق الأوسط على قيادة التغيير العالمي نحو مستقبل مستدام.

 

النتيجة: بروز الأمن المناخي كتهديد رئيس للأمن الاقتصادي والوطني والإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وسيزداد التعاون الإقليمي لمعالجة الظواهر المناخية في عام 2023، ومن المقرر أن تزداد مبادرات التمويل المتعلقة بالمناخ، في حين أن استضافة المنطقة لمؤتمر الأطراف السابع والعشرين ومؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، سيزيد من حشد أموال القطاعين العام والخاص، وبالتالي دعم الأمن البيئي على تحفيز التعاون الإقليمي الأوسع، ولكن يمكن أن يعرقل هذا التقدم اختلاف المصالحُ في القضايا الأمنية بين دول المنطقة.

 

5. من المتوقع استمرار تقلُّبات أسعار النفط والطاقة

ارتفعت أسعار النفط في عام 2022 على خلفية الأزمة الروسية-الأوكرانية، وانتعاش الاقتصاد العالمي بعد جائحة كورونا، واضطرابات سلاسل التوريد والإمداد، واستمرار نقص الاستثمار في قطاع الهيدروكربونات، وسوف تستمر هذه العوامل في تشكيل سوق النفط في عام 2023، لكن عدم اليقين بشأن الاقتصاد الكلي العالمي سيزيد من تقلب أسعار النفط.

لا يمكن التنبؤ بمقاييس الطلب العالمي على النفط إلى أن المؤشرات تشير إلى توقف النمو العالمي، حيث ستؤدي الرياح الاقتصادية المعاكسة إلى تضييق السياسة النقدية العالمية، بينما سيؤدي التضخم المرتفع إلى إبطاء النشاط الاقتصادي وتقليل الطلب على النفط، وهكذا ستتأرجح أسعار النفط في عام 2023، مما يسبب الذعر لواضعي السياسات ويخلق صعوبات اقتصادية لدى السكان منخفضي الدخل.

اضطرت الاقتصادات المتقدمة في عام 2022 إلى إعادة النظر في مساهمة الهيدروكربونات في مزيج الطاقة على المدى القصير والمتوسط، ومع ذلك سوف يسرّع تقلب أسعار النفط في عام 2023 من محاولة أمريكا الشمالية وأوروبا للتحول بعيدًا عن الهيدروكربونات وتقليل اعتمادها على أسواق النفط والغاز. وهناك ضرورة اقتصادية وبيئية وسياسية واضحة للتقليل من هذا الاعتماد، خاصةً بالنظر إلى ابتعاد أوروبا عن النفط والغاز الروسيين، ومع ذلك أعادت الدول المنتجة للنفط في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين التأكيد على مركزية الهيدروكربونات لمزيج الطاقة العالمي المستقبلي -وإن كان ذلك عند مستويات أقل- مع الالتزام الواضح بزيادة القدرة على إنتاج الهيدروكربونات.

سيكون 2023 عامًا محوريًا، حيث يبدأ نظام الطاقة العالمي في التشعُّب بين البلدان القائمة على الهيدروكربون واقتصادات الطاقة النظيفة. إذ يراهن منتجو النفط على أن النفط سيبقى في مكونات الطاقة العالمية لفترة أطول، وأن الأسعار ستظل مرتفعة في عام 2023، مما سيمكنهم من التنويع المحلي، وهذا مدفوع بالعديد من العوامل على الرغم من أوجه عدم اليقين. حيث إنَّ ضعف الاستثمار في صناعة النفط يعيق قدرتها على تلبية أي انتعاش كبير في الطلب. بالإضافة إلى ذلك يمكن للمخاطر الجيوسياسية حول الخليج العربي وسط التوترات المتزايدة بين إيران وخصومها الإقليميين والعالميين، أن تخلق تقلبات متصاعدة في أسعار النفط مع تهديد الأمن البحري وأمن الطاقة.

 

النتيجة: ستظل أسعار النفط متقلِّبة في عام 2023، مما يؤدي إلى ظهور تحديات أمام صانعي السياسات، ومع ذلك نتوقع أن تستمر الدول الغنية بالطاقة في التمتُّع بمكاسب النفط المفاجئة، وسيسمح هذا لمنتجي الهيدروكربونات بالاستفادة من فوائض عائداتهم لدفع الاستثمارات المحلية جنبًا إلى جنب مع النمو الاقتصادي والتنويع، كما ستعزز المكاسب الكبيرة غير المتوقعة مكانة دول الخليج في الاقتصاد العالمي، ومع ذلك يحدث تشعبٌ في سوق الطاقة العالمية بين منتجي الهيدروكربونات واقتصادات الطاقة النظيفة، مما سيؤدي إلى تحولات في التحالفات التجارية العالمية.

 

6. استمرار أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار مع تعزيز التعاون الأمني بين دول مجلس التعاون الخليجي وحلفائه

أدى الفشل في إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) أو (الاتفاق النووي الإيراني) في عام 2022 إلى جعل جمهورية إيران الإسلامية (IRI) على أعتاب أن تصبح دولة نووية، ومع استمرار الولايات المتحدة في تحويل اهتمامها نحو الصين وزيادة التركيز على روسيا، ستبني منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على جهودها الناشئة لمواجهة النفوذ الإيراني والنشاط المزعزع للاستقرار من خلال الآليات الإقليمية مثل دول مجلس التعاون الخليجي + 3 ومن خلال شراكات دولية جديدة.

ستواصل بغداد لعب دور رئيسي في التوسط في المحادثات الثنائية بين المملكة العربية السعودية وإيران، على الرغم من أن التقدم سيكون محدودًا، وسيبقى وقف التصعيد الهدف الأساسي بالنظر إلى أن المملكة والمنطقة ككلّ ستكونان الهدف الأكثر احتمالًا لأي هجوم إيراني. وستسعى عملية وساطة بغداد، المدعومة من فرنسا -أيضًا، بشكل منفصل- إلى خفض التصعيد مع إيران على عكس الجهود المبذولة لمواجهة النفوذ الإيراني، وفي موازاة ذلك أدى استخدام روسيا للعتاد الإيراني في حربها ضد أوكرانيا إلى زيادة الإدراك العالمي للتهديد الإيراني لا سيما في أوروبا، لذا ستعزز الدول الإقليمية؛ مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مشاركتها الأمنية والدفاعية مع مشاركين؛ مثل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الذين يشعرون بأن التهديد الإيراني الآن باتَ أقرب إليهم.

استحوذت الاحتجاجات الواسعة في جميع أنحاء إيران، في الوقت نفسه، على انتباه الحكومات والجمهور في جميع أنحاء العالم، كما سوف يشجع الدعم الدولي للمتظاهرين -علانيةً على الأقل- طهران على قمع الانتفاضات المحلية وإظهار تصميمها، وستستفيد من تركيز المجتمع الدولي على أوكرانيا لإعادة تأكيد نفسها من خلال قواتها بالوكالة في سوريا واليمن وغزة ولبنان.

 

النتيجة: من المرجح أن تكثِّف إيران أنشطتها المزعزعة للاستقرار في عام 2023، وستعمل دول المنطقة مع الحلفاء العالميين لمنع الهجمات الإيرانية في المواقع البحرية الرئيسة؛ مثل مضيق باب المندب ومضيق هرمز لتقليل المخاطر على أسواق الطاقة. إن افتقار ايران إلى الدعم من المجتمع الدولي يعني أنه من المرجّح أن يتحمَّل النظام إجراء أي تغيير ذي مغزى، بينما يفعل كل ما يلزم للحفاظ على قبضته على السلطة.

 

 توقعات السكان لعام 2023: استطلاع

قامت Think Research and Advisory باستبيان في اثنتي عشرة دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ للكشف عن الوضع العام لسكان المنطقة وتوقعاتهم للعام المقبل. كان هدف الاستبيان قياس التغييرات لثلاثة مجالات رئيسة وهي: التضخم وتقلبات الطاقة والأمن الشخصي.

الإنفاق المتوقع على المواد الغذائية

تظهر النتائج أن السكان على مستوى المنطقة يتوقعون إنفاق المزيد على المواد الغذائية خلال العام المقبل. ويتوقع الاستبيان بأن متوسط إنفاق السكان في شمال إفريقيا سيرتفع بما يعادل 175 دولارًا إضافيًا على الفاتورة الشهرية بعد 12 شهرًا من الآن، بزيادة تقارب 32٪ من 2022 إلى 2023. هذا بالمقارنة مع 26٪ زيادة متوقعة من قبل السكان الذين شملهم الاستطلاع في منطقة بلاد الشام، وزيادة بنسبة 17٪ يتوقعها سكان دول مجلس التعاون الخليجي.

PHOTO-2023-01-25-22-22-42.jpg

 

الشعور المتوقع بالأمن الشخصي

تتوقع جميع البلدان؛ التي شملها الاستطلاع، أن يتحسَّن شعورها بالأمن الشخصي خلال الأشهر الـ12 المقبلة. وكان سكان منطقتي بلاد الشام وشمال إفريقيا أكثر تفاؤلًا بشأن تحسُّن أمنهم ​​هذا العام، مع توقع زيادة قدرها 10٪ و7٪ على التوالي، وكانت البلدان التي شهدت أكبر نسبة تغيّر في إحساسها المتوقع بالأمن الشخصي خلال العام المقبل: الجزائر ولبنان والمغرب بـ(13.53٪ و13.33٪ و10.65٪ زيادات على التوالي).

 

نفقات الغاز والكهرباء المتوقعة

يتوقع الاستبيان بأنه سيرتفع إنفاق سكان بلاد الشام بما يعادل 83 دولارًا إضافيًا في المتوسط ​​على فاتورة الغاز والكهرباء الشهرية بعد 12 شهرًا من الآن، بزيادة قدرها 41.23٪ تقريبًا من عام 2022 إلى عام 2023، وهذا بالمقارنة مع زيادة متوقعة بنسبة 39.24٪ من قبل المشاركين في شمال إفريقيا، وزيادة متوقعة بنسبة 23.52٪ من قبل سكان دول مجلس التعاون الخليجي.

 

الإنفاق المتوقع على الغاز والكهرباء والمحروقات 

يتوقَّع الاستبيان بأنه سيرتفع إنفاق سكان منطقة شمال إفريقيا 83 دولارًا إضافيًا في المتوسط على المحروقات الشهرية بعد 12 شهرًا من الآن، بزيادة تقارب 36.27٪ من 2022 إلى 2023، هذا بالمقارنة مع 34.79٪ زيادة متوقعة من قبل السكان الذين شملهم الاستطلاع في منطقة بلاد الشام، ويتوقع أن يرتفع إنفاق سكان دول مجلس التعاون الخليجي زيادة قدرها 31.26٪.

 

 

1 تم استخلاص النتائج من استطلاع أجراه مركز Think Research and Advisory  على عينة من 1600 مشارك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، شملهم الاستطلاع عبر الإنترنت في ديسمبر 2022.

حيث كانت الدول التي شملها الاستطلاع: لبنان والأردن والمملكة العربية السعودية وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة وعمان والبحرين ومصر وتونس والجزائر والمغرب

 


تذييل